اعتاد دوما أن يحمل فتوى دار الإفتاء المصرية ، الخاصة بإباحة أخذ الفوائد من البنوك في جيبه..

اعتاد دوما أن يحمل فتوى دار الإفتاء المصرية ، الخاصة بإباحة أخذ الفوائد من البنوك في جيبه..
(هيثم) شاب حديث التخرج ، يعمل بأحد البنوك المشهورة بمرتب يفوق أقرانه بخمسة أضعاف على الأقل..
لكنه ضاق ذرعا بكثرة المنكرين له على عمله بالبنك ، باعتبار انها مؤسسة ربوية ، تمتص دماء المساكين عن طريق إثقال كواهلهم بفوائد كابوسية..
هذه الفوائد يعطون منها جزءا ضئيلا للمودعين لإغرائهم بوضع نقودهم بالبنك ، والتي تعد رأس مالهم الحقيقي والذي من خلاله يستطيعون تسليف من يحتاج القرض (ذا الفوائد المركبة)..
هنا تذكر كيف أنقذته الفتوى من الدخول في نقاشات عديدة لا يخرج منها -غالبا- منتصرا..
هكذا كان يرجع إلى بيته ضيق الصدر ، وجلا من أن يكون عمله مما حرمه الله عليه..!
أما الآن ، سيخرج الفتوى بانتظام لكل من يتجرأ ويخبره بأن عمله حرام..
صحيح أنهم يقولون بأن العبرة بالدليل ، وأن فتاوى سابقة لدار الإفتاء لعلماء أكثر علما وثقلا جزمت بالتحريم ، إلا أنه سرعان ماينهي المناقشة كي لاتراوده الشكوك من جديد..
لايمكن أن يتحمل أن يترك هذا الوضع المتميز ، والمرتب الضخم ، والاستقرار الواضح في عمله بسبب تشدد البعض..
أفاق من خواطره على جلبة أحدثها رجل مسن ، أمام مكتب أحد زملائه ، وهو يقول في ذعر :
– كيف يا ولدي صار المبلغ بهذه الضخامة..؟! لقد استدنت خمسين ألفا من الجنيهات فحسب ، كيف بات مائة ألف بهذه السرعة..؟!
أجاب زميله في حرج:
– ياحاج لقد تأخرت في الدفع مما أدى إلى وضع أقساط وفوائد مركبة اوصلت المبلغ إلى هذا الح…
بتر عبارته بغتة وهو يرى الرجل الذي اشتعل رأسه شيبا يترنح ، قبل أن يسارع بعض العملاء في إسناده ، وقد انهمرت الدموع من عينيه كالمطر وهو ينتحب قائلا:
– سيحبسوني..!! سأدخل السجن..!! سيضيع مستقبل الأولاد..!!
تابع (هيثم) المشهد كله ، وتحسس بشكل غريزي جيبه الذي استقرت به الفتوى ، كأنما يستمد منها بعض الاطمئنان ، بعد أن هز الموقف ثقته في إباحة عمله..
لكنه لم يشعر بعدها بالاطمئنان..
حتى الآن..
(تمت).