(ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا..)

(ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا..)

من الذي يهدي العباد..؟!
– الله.
ومن الذي يضل العباد..؟!
– الله.

هذا هو الجواب الصحيح ، وهذا هو معتقد أهل السنة والجماعة ، أن الذي يهدي ويضل العباد هو الله (جل وعلا).

والآيات واضحات في أن الله هو الذي يضل العباد :

– (وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ).

– (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ۚ ).

– (مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ).

————–

هذه القضية البديهية انكرتها المعتزلة (إحدى الفرق الضالة) وعللوا ذلك بأن الله لو أضل العباد فكيف يحاسبهم..؟!

والجواب – ببساطة – أن الله يعلم من يستحق الهداية فيهديه ، ويعلم من يستحق الضلالة فيضله..

أو بعبارة أخرة : من سلك طريق الهداية يهده الله ، ومن سلك طريق الضلالة يضله الله.

قال تعالى (ۖوَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ) ، فبظلمهم استحقوا الإضلال..

—————————-

كانت هذه مقدمة ضرورية لاستيعاب أن الله هو الذي بيده الهداية والإضلال ، والرشد والغواية ، والثبات والزيغ، ومن ثم ، وكسبب من أسباب الثبات على الهداية ، يهتف الراسخون في العلم ، بهذا الدعاء العظيم :

(رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا).

هكذا يتعلم المؤمنون هذا الدعاء القرآني ، لأنه من المعينات على الثبات ، ولأن القلب سمي كذلك لأنه يتقلب ،وبالتالي يحتاجون أن يثبت الله قلوبهم على الإيمان.

وقدوتهم في ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذي كان من أكثر دعائه : “يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك”.

حتى إن عائشة (رضي الله عنها) قالت : يا رسول الله ما أكثر ما تدعو بهذا الدعاء..!

فقال : ليس من قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن إذا شاء أقامه ، وإذا شاء أزاغه.

(وأصل الحديث ثابت في الصحيحين).

بعض هؤلاء الذين أكرمهم الله بمشاهدة طلعة النبي (صلى الله عليه وسلم) تحولوا من الإيمان إلى الكفر ، ومن الهداية إلى الغواية..

فالمؤمنون الذين جاؤوا من بعدهم أدعى أن يتلمسوا أسباب الهداية والتي على رأسها الدعاء بتحصيلها والثبات عليها.