(یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا یَحِلُّ لَكُمۡ أَن تَرِثُوا۟ ٱلنِّسَاۤءَ كَرۡهࣰاۖ وَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ لِتَذۡهَبُوا۟ بِبَعۡضِ مَاۤ ءَاتَیۡتُمُوهُنَّ إِلَّاۤ أَن یَأۡتِینَ بِفَـٰحِشَةࣲ مُّبَیِّنَةࣲۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ فَإِن كَرِهۡتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰۤ أَن تَكۡرَهُوا۟ شَیۡـࣰٔا وَیَجۡعَلَ ٱللَّهُ فِیهِ خَیۡرࣰا كَثِیرࣰا).

(یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا یَحِلُّ لَكُمۡ أَن تَرِثُوا۟ ٱلنِّسَاۤءَ كَرۡهࣰاۖ وَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ لِتَذۡهَبُوا۟ بِبَعۡضِ مَاۤ ءَاتَیۡتُمُوهُنَّ إِلَّاۤ أَن یَأۡتِینَ بِفَـٰحِشَةࣲ مُّبَیِّنَةࣲۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ فَإِن كَرِهۡتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰۤ أَن تَكۡرَهُوا۟ شَیۡـࣰٔا وَیَجۡعَلَ ٱللَّهُ فِیهِ خَیۡرࣰا كَثِیرࣰا).


اشتملت الآية على (أربعة) تعاليم أساسية ، كلها تتعلق بحق المرأة :

الأول : كانت العرب قديما لا تورث النساء ، وكانوا يقولون:”لا يأخذ من التركة ، إلا من قاتل على ظهور الخيل ، وطاعن بالرمح ، وضارب بالسيف”.

بل كانوا يجعلون المرأة في بعض الأحيان كالمتاع ، فصار المرء منهم يرث زوجة أبيه..!

يقول ابن كثير : “كان إذا مات الوالد ، يغدو من حق الابن أن يتسلط على زوجة أبيه ويمنعها من الزواج ، أو يتزوجها هو بثمن بخس ، أو يقبل أن تتزوج لكن بعد أن يساومها على بعض مالها..!”

وفي هذا جاء قول الله:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ۖ )..
أي: وهن كارهات لذلك..

————————-

الثاني : بعض الناس لايكون لديه رغبة في الاستمرار مع زوجته ، لكنه يتأمل أن الطلاق سيكلفه المهر (المؤخر والقائمة) ، فيلجأ إلى حيلة خبيثة ، وهي التضييق على امرأته حتى تطلب بنفسها الطلاق ، وحينئذ تتنازل -قهرا- عن حقها..!

هنا تأتي الآية لتحرم ذلك الفعل:
(وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة).

قال ابن كثير : “لاتضاروهن في العشرة ؛ لتترك لك ما أصدقتها أو بعضه على وجه القهر والاضطهاد”.

لكن استثنت الآية أمرا واحدا بإباحة التضييق على المرأة كي تتنازل عن صداقها ، وهو الفاحشة المبينة..

والفاحشة المبينة هي الزنا والنشوز ، وبذاءة اللسان ، كما رجح الإمام ابن جرير الطبري.(شيخ المفسرين).

فحينئذ يجوز له التضييق عليها ، لتتنازل عن حقها في المهر ، فيطلقها متخلصا من الضرر الذي ألحقته به..

—————————-

الثالث: أمر الله بإحسان العشرة للمرأة ، وأن تكون مبنية على التكريم والمحبة ، وإعطاء الحقوق دون انتقاص..

هكذا يستطيع المرء من خلال هذا التوجيه القرآني ، كسب حسنات عديدة من التعامل اليومي مع الزوجة..

يقول ابن كثير : “طيبوا أقوالكم وحسنوا أفعالكم مع الزوجة بحسب قدرتكم ، كما تحب ذلك منها”.

وعلى هذا ، لو أتى الرجل لزوجته بهدية ،أو تزين لها ،أو تحمل غضبها ، أو لبى رغباتها ، أو ساعدها في أعمال المنزل ، أو كان طلق الوجه معها..

وأيضا لو أظهر اهتمامه بها وحرصه عليها ، أو مجدها أمام أهله وأكثر من الثناء عليها ، أو أنفق بسخاء عليها ، أو أكرم أهلها ، فهو طائع لله ؛ مادام يفعل ذلك بنية الامتثال للأمر القرآني..!

ألا ما أهنأ النساء تحت ظلال تعاليم الإسلام ! إذ جعل حسن العشرة مع المرأة والتودد إليها ، قربة يتقرب بها العبد إلى مولاه.

——————————

الرابع: قد يزهد الرجل في امرأته رغم أنها لم ترتكب نشوزا أو فحشا ، إنما قد يكون اختلاف في الطبع أو عدم الشعور بالراحة معها..

هكذا يتساءل الرجل ، هل هذا سبب كاف ليطلق زوجته أم الأفضل أن يصبر عليها..؟!

هنا تأتي الآية لتجيب على هذا التساؤل ، بأن الصبر على هذه المرأة أفضل..! (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرا).

إن تلك المرأة التي لايحبها المرء الآن ، قد يكون من وراءها خير كثير..

يقول ابن كثير : “فعسى أن يكون صبركم مع إمساككم لهن وكراهتهن ، فيه خير كثير لكم في الدنيا والآخرة”.

والمسلم يذكر نفسه بهذه الحقيقة إذا ضاقت به الأمور ، وصار لايمس الحب شغاف قلبه ، أن الله قد يجعل فيها خيرا كثيرا ، فليصبر ولا يطلق..

وكم من أمر يكرهه العبد ويصبر عليه ، فيجعل الله تعالى فيه الخير الكثير.